الجزائر في زمن الكورونا


كان العالم برمته متوجسا مذهولا فزعا مرعوبا من هول الموقف... وشرعت الدول واحدة تلو الأخرى تدق نواقيس الخطر معلنة عن ملحمة لم يكن غريمها فيها كائنا بشريا أوحيوانا شرسا تنتهي تلك الحرب بإغتياله أو بزجه في السجن ولم تكن هذه الحرب أبدا حربا مسلحة أو حربا نووية على ماجرت عليه العادة على سطح البسيطة..
قِرن خطير يطل من الصين ليفطس بنصف شعبها ثم ينبسط في كافة أنحاء العالم ينشد المزيد.... إنه فيروس كورونا
في خضم هذه الوقيعة المهولة كانت تلك الرقعة الفسيحة المتربعة على شمال القارة السمراء تعزل نفسها عما يجري من حولها تحدق  بنظرة تكذيب تارة و تهكم تارة أخرى....
شعب أوهنت كاهله الدواهي و المحن و النوائب  من إستدمار فرنسي إلى عشرية سوداء فحكم جائر إستزف جميع طاقات أرضه ورمى به في دهاليز الدهر يجمع ما بقي من شتات روحه حتى غدا  يحيى تحت مسلمة تقول :إذا جا الخير ما يمسناش وإذا جا الشر مايمسناش..
الصين تشيد أعظم مستشفى في بضعة أيام... أمريكا تحشد طاقما طبيا من أكبر الأطباء المؤهلين للتفتيش عن دواء يخرج العالم من هذه الأزمة فرنسا و إسبانيا و بريطانيا تعلن حظر التجول و تجند كافة المستشفيات للسيطرة على الوضع....
الجزائر نكات تكتسح مواقع التواصل الإجتماعي و موجة من الحملات الساخرة لا تدل على شيء سوى أن هذا الشعب قد ذاق من المرارة ماجعله يفقد العاطفة نحو كل شيء
كنا نعيش مفصوين عن العالم الخارجي ننام في مخادعنا صامين آذاننا عن الزعزعة التي تحيط بنا، غير آبهين بالهوشة التي تجري من حولنا  حتى جاء ذلك اليوم الذي صدعت فيه مئذنات المساااجد بصوت متحشرج للمؤذن  و هو يقول الله أكبر الله أكبر ألا صلو في بيوتكم  ألا صلوا في رحالكم لنشعر بقشعريرة تدجّ في أبداننا ونشرع بعدها في موجة من الأنين المرير فقد كان سخط الله علينا و طرده لنا من بيوته التي نشكو بها نوائبنا و أوجاعنا كفيلة بإيقاظنا من هجعتنا لنحس للوهلة الأولى بانقلاب نواميس الكون من حولنا
شغلت شاشة التلفاز و أخذت أقلب القنوات التلفزيونية بعد أن كنت أتغافل عن  أي نبأ يتحدث عن هذا الداء فقد أصبح الشغل الشاغل لجميع الناس بكل فئاتهم العمرية، وهاهي مذيعة الأخبار التي بت أبغضها أكثر من أي وقت مضى فكثيرا ما يقترن إسمها بالأنباء مريعة كانت تقول : إنبسطت رقعة الوباء حتى كادت تكتسح جميع ربوع الجزائر
إرتفاع عدد المصابين إلى.. و تزايد عدد الوفيات إلى...
أما الذين تماثلو للشفاء فقد كان عددهم...
بعد إستفحال  الوباء أعلنت السلطات عن فرض الحجر الصحي في أنحاء البلاد مع تشديده على ولاية البليدة التي كاد الوباء أن يفتك بجميع سكانها... نعم لقد حلت الأزمة
في بلادي لم يكن الوباء هو الهاجس الذي يفزع سكانها فرغم فرض الحجر و الإلزام بالأخذ بالتدابير الوقائية لتجنب الإصابة بالفيروس كان غالبية الأهالي مرتاعين من نفاذ المواد الغذائية فصار المترف يبتاع مؤونة عام كامل أما الكادح منهم فيقضي أيام الحجر على فتات الخبز... إن توفر له ذلك
في بلادي أصبحت "شكارة السميد" عناوين لمقالات تتصدر الصحف و المجلات و أخبار الإذاعات و نشرات القنوات التلفزيونية 
طوابير طويلة تقف أمام مخازن السميد؟؟
صراع بين رجل مسن و شاب على شكارة سميد!!
الجزائر تدخل في أزمة نفاذ مخزون السميد...
في بلادي لم يكترث السكان لمنع التجمهر باعتباره العامل الأول لنقل الوباء ضاربين بالتدابير الوقائية عرض الحائط متجمعين أمام نقاط بيع السميد تنشب بينهم عراكات وتتزايد بينهم الشتائم و القذف و السباب... 
في بلادي يحتكر التجار المواد الغذائية و يصنع العامة من الناس المعقمات و تخيط المعامل غير المرخص لها الكمامات الطبية...
في بلادي يستغل أراذل القوم المأساة لسرقة المساجد و اختلاس المحلات التجارية
في بلادي لايعلم الناس أن هذا الوباء ماهو إلا إبتلاء من الرب لتستفيق الأمة من غفلتها... لترجع إلى سبل ربها... فتصلح شأنها
وتقوم عثراتها
كل هذا في بلادي
بئسا لقد لقد صارت الأرض كئيبة... شحنات و طاقات سلبية في كل مكان ... متى ستنقشع هذه الغمامة السوداء لتعود للأرض بهجتها... لقد حبسنا في منازلنا لمدة تقارب الشهر و هاهي تزيد فمتى يا الله الفرج 
         حاشى لله إنا ما يئسنا لكنها و الله أيام ثقال


Comments

Archive

Contact Form

Send